الإدارة والتغيير:
ربما يتضح لنا أن جميع فلسفات نظم الإدارة الحديثة تتمحور حول "تحويل أهداف التغيير إلى خطط واقعية". وقد وصف أندرسون (1994) عملية التغيير من خلال نوعها وتأثيرها. حيث يعتمد نوع عملية التغيير على السرعة التي يتم بها إحداث التغيير، والتي يمكن وصفها من خلال مجالين من التصنيف هما:
1.التغيير التدريجي-المتطور: حيث يتم إعادة تشكيل التنظيم والإدارة من خلال خطوات تنفيذية متدرجة إما أفقيا أو رأسيا أو كليهما، أو
2.التغيير الراديكالي أو الكلي والذي يتم في تحرك سريع وشامل
أما تأثير التغيير فيتوقف دائما على الطرق والأدوات أو الوسائل المستخدمة في التغيير. هذا ويتم الإشارة الآن في المجالات البحثية ودراسات التغيير عدد من التعبيرات والمصطلحات الجديدة أهمها التغيير الفعال- التحول-والتجديد. فالتغيير الفعال هو الذي يؤدي إلى التحول والتجديد في الإدارة والبناء التنظيمي. والتحول يشير إلى التغيير العميق والمؤثر، أما التجديد فهو التغيير المستمر للتأقلم مع الظروف المحيطة بالمؤسسة أو البيئة التي تعمل بها.
أي أن الإدارة أصبح أحد مهامها الآن هو تحديد اهداف التغيير وإدارته. وقد اشار (تيشي وديفانا 1986 ) إلى فلسفة التجديد المؤسسي بأنها "عندما يصبح الفكر المتجدد هو الممارسة اليومية يوما بعد يوم". وعندما يشارك الجميع في الحقائق الجديدة (البيانات والمعلومات)، والإجراءات (عمليات الإدارة)، والممارسات (التطبيقات اليومية للعمل) يمكن أن يتحول التغيير إلى تجديد مؤسسي. كل ذلك يتطلب في النهاية إحداث تغيير عميق في الثقافة المؤسسية وسلوك العاملين جميعا. وعندما تتمتع المؤسسة بالقدرة على التجديد التنظيمي يمكننا أن نرى تغيير جذري في قدراتها على التعلم والابتكار والتنظيم الذاتي وكلها أفكار ظهرت مع ظهور فكر المنظومة. ومن هنا تأتي أهمية تبنى المؤسسات للفكر المنظومي ومنهجياته. لمعرفة مزيد من المعلومات حول التغيير التحولي يمكن الاطلاع على كتاب المراجع المذكورة في صفحة مواقع مفيدة.
إدارة التغيير وتطور مفاهيم الإدارة
أدى استخدام وتطوير مداخل الإدارة في المجتمعات الغربية منذ بداية القرن التاسع عشر إلى نضج عمليات تصميم النظم الإدارية بها وزيادة احتراف القائمين عليها. وظهر مديرون ومطورون محنكون (Sophisticated) (لا يديروا بالخبرة فقط) انعكست مهاراتهم على إجراءات وأنشطة تطوير وإدارة الهياكل الإدارية. هذا العالم المتغير تقبل أيضا التأقلم مع التيارات الإدارية الجديدة الوافدة من خارج هذه المؤسسات (من اليابان وشرق آسيا) أو التأقلم مع التوجهات التي تقتضيها عمليات اتخاذ القرار في العالم الجديد للمعلومات مثل توظيف تكنولوجيا المعلومات و استغلال الإمكانات الفائقة لتكنولوجيا الاتصالات لبسط سطوتها على الأسواق كما في التجارة الإلكترونية . ولذلك فقد عكف هؤلاء المحترفون على تطوير فلسفات واستراتيجيات جديدة تحقق لهم الانتقال بتنظيمات مؤسساتهم إلى هذا العالم المتغير، حيث ظهرت مداخل إدارة التغيير لتسمح بتغيير نظم الإدارة بها وتحقق الانتقال الآمن لها. مع هذه المداخل ظهرت فلسفة الجودة الكلية وإعادة الهندسة والتعلم التنظيمي وكلها تعتمد على فكر ولغة المنظومة وتهدف إلى الانتقال الآمن إلى عالم التنافس المستمر. وقد تعرض العديد من الباحثين إلى تأثير مداخل الإدارة على بلورة نظريات الإدارة التقليدية حيث أشاروا إلى أربع مداخل رئيسية لتطوير الهيكل التنظيمي للمؤسسات هي مدخل المنظومة، مدخل العلاقات الإنسانية، مدخل الإدارة العلمية، مدخل البيروقراطية. ورتبوها من حيث ارتباطها بفكر المنظومة كما يوضح الشكل حيث أضفنا إليه مدخل إدارة التغيير.
إدارة التغيير وتطور مفاهيم الإدارة
التطبيقات الحديثة للإدارة والحاجة إلى منهجية
مهما كان نوع التغيير، يتعين على المديرين ليس فقط تصميم الشكل الجديد للبناء الإداري بعد التغيير ولكن تعريف خريطة لطريق الوصول إلى هناك. فمع تعقيد منظومة الإدارة الآن وحجم ونوع التغيير المطلوب، لا ينبغي أن نتوقع أن يكون التغيير هو عبارة عن مجموعة من المهام التي يمكن تحقيقها مباشرة واحدة تلو الأخرى. فنحن نتعامل مع الكثير من الجوانب ذات الأبعاد الفنية والاجتماعية والبشرية المتشابكة، ويجب أن لا تهيمن مجموعة واحدة منها على عملية التغيير. وينبغي أن يتم التغيير في نطاق حدود المنظومة التي نهتم بها، والبيئة المتفاعلة معها مجموعة المشاكل التي نواجهها، على أن نتناول جميع التفاعلات والروابط المتبادلة لمكونات الإدارة المؤسسية. كل ذلك يتطلب المعرفة والخبرة والعمل الجماعي مع منهجية متعددة التخصصات والمسارات. ومهما كان مستوى التغيير فعلينا هندسته. الآن هناك حاجة لمهندسي النظم، ومصممي النظم، للعمل مع محلل النظم والتعاون مع المديرين لضمان التنفيذ الصحيح والناجح للتغيير. هذا الفريق يجب أن يستخدم أساليب فكر المنظومة والتي تضم عددا من الأدوات والتقنيات، والمنهجيات وهي أعمق واشمل من التغيير المتدرج الخطي أو تغيير الخطوة بخطوة. فمع المنهج المنظومي تغطي المنهجية كل مساحة الأنشطة التي يتعين الاضطلاع بها ضمن مراحل التطوير (وهو ما يعرف باسم دورة حياة تطوير النظام)، بدءا من التخطيط الاستراتيجي حتى مرحلة ما بعد التنفيذ. وعلى مر السنين فقد تم تطوير العديد من هذه المنهجيات، والآن هناك أكثر من ألف منهجية موجودة فعليا. هذا وقد عرض كتاب الإدارة بالمعلومات (سمير مصطفى، 2002، باللغة العربية)، عددا من هذه المنهجيات ويمكن التعرف على المزيد منها في صفحة مواقع مفيدة على هذا الموقع. هذا ويمكن عرض عددا من الفلسفات الحديثة للإدارة والتي تتطلب تبني برامج التغيير على النحو التالي
ربما نحتاج إلى مرحلتين من التغيير الأولى هي تحويل مؤسساتنا إلى منظومة تحقق تعريف وخصائص وسلوك التعريف العلمي للمنظومة. والمرحلة الثانية هي تطبيق أي من فلسفات الإدارة التي تحقق الأداء المتكامل. هل يمكن أن نصل إلى أن يتوفر مع كل موظف دليل يوضع مهامه وواجباته الوظيفية، وفي نفس الوقت يتوفر لكل مواطن دليل الإجراءات للخدمات التي يطلبها من الإدارة أو القسم الذي يتعامل معه لأداء خدمة حكومية.منظومة الإدارة
إدارة الجودة الكلية
ظهر التحرك نحو فلسفة إدارة الجودة الكلية (Total Quality Management) في الولايات المتحدة في أواخر السبعينيات بعد تزايد المنافسة من الشركات (خصوصا) اليابانية للسلع الأمريكية. واعتبرت هذه الفلسفة في التسعينيات كمقياس لفعالية وامتياز البناء الإداري للمؤسسة وقدرته على تركيز جهود تطويره لتحسين جودة عمليات الإدارة به. وباعتبار أنها تؤثر في النهاية على جودة المنتج وارتبطت جودة المنتج في النهاية بإرضاء العميل. وتعتمد هذه الفلسفة على مبدأ رئيسي وهو أن الجودة تبنى في المنتج منذ بداية دورة التطوير له، وبذلك فهي تصبح مهمة ومسئولية كل فرد وهدف كل منظومة فرعية في المؤسسة. وبذلك فقد اتسع نطاق منظومة إدارة الجودة الكلية ليضم المتعاملين مع المنتج من خارج المؤسسة سواء المشاركين في إنتاجه أو الموردين للخامات المستخدمة معه. وعندما تتبنى المؤسسة هذه الفلسفة للجودة فلابد أن تعمل أولا من خلال منظومة وتصبح في حاجة ماسة إلى منظومة لإدارة معلومات الجودة بها، لتصبح منظومة إدارة معلومات الجودة إحدى المنظومات الفرعية في منظومة الإدارة بها. وتماشيا مع هذا المفهوم تقوم المؤسسات ببناء منظومة إدارة الجودة من خلال مراقبة مؤشرات ومقاييس الجودة باستخدام نماذج إحصائية مختلفة يتم استخدامها آليا أو يدويا، إلى جانب توظيف تكنولوجيا المعلومات لاستنباط معلومات تعبر عن أداء المؤسسة والأعمال فيما يخص العملاء والموردين وربطها بالمؤشرات الاقتصادية للأسواق لتستخدم فيما بعد في التخطيط الاستراتيجي للجودة. هذه المنظومة الجديدة أضفت نمطا جديدا للإدارة وخرجت منها فلسفات جديدة ارتبطت بتخصصات جديدة للعاملين بنظم الجودة منها مهندس الجودة ومحلل الجودة (Quality Analyst) ومنسق الجودة ثم مراجعي الجودة. وظهر في مؤسساتنا مطور/منفذ نظم جودة أو مسهل (Facilitator ) مع مراجعي الجودة (Auditor). ومن المتوقع أن يتعامل كل منهم مع محلل النظم كممثلين لمنظومة إدارة الجودة، على أن يصبح نمط التعامل بينهم واضحا لضمان تحقيق أهداف التطوير. فعندما يركز مسهل منظومة الجودة على ضرورة وجود نماذج تدفق العمليات مثلا فهو يستخدمها بالطريقة التي تتبناها المؤسسة ولا يتدخل في مدى تأثير البيانات الموجودة في النماذج على العملية الإنتاجية أو الحسابية نفسها من حيث دقتها وكفاءتها وارتباطها بقواعد البيانات المغذية لها والتي تكون دائما محور اهتمام محلل النظم، بينما يهتم مهندس الجودة بجودة المنتج نفسه مع فريق تحسين الجودة (Quality Improvement Team). أي أن ظهور فلسفة إدارة الجودة الشاملة يجب أن ينعكس على زيادة فاعلية محلل النظم والذي يصبح مطالبا أيضا ببناء مقاييس الجودة ضمن محددات تصميم منظومة الإدارة بما فيها تطبيقات وبرامج الحاسبات.
إعادة هندسة العمليات
ظهرت استراتيجية إعادة هندسة العمليات (Business Process Re-engineering) في بداية التسعينيات بالدعوة إلى عدم أتمتة نظم الإدارة الحالية كما هي (Hammer, 1990). وقد تبنى هذا المنطق أيضا اليابانيون بالدعوة إلى عدم استخدام برامج الحاسبات دون ضبط العمليات اليدوية أو "علينا أن نستخدم البرامج الحاسبات عندما لا نحتاج إلى استخدام برامج" (Deming, 1986, p. 31). وهناك مثلا مفيدا يقول "أتمتة نظام فاشل لن يجعله أحسن" وقد ظهر هذا الاتجاه قبل ظهور فلسفة إعادة الهندسة بسنوات، إلا أنه لم يأخذ شكلا بنائيا محددا. وترتكز إعادة الهندسة إلى حد كبير على مفاهيم هندسة المعلومات (IE) لمنهجيات تحليل وتصميم النظم، والتي أعطت اهتماما بالغا بدراسة مناطق العمل نفسها قبل القفز إلى تمثيل قواعد البيانات وعمليات البرمجة. إلا أن إعادة الهندسة خرجت لتعطي أهمية قصوى لدوافع التغيير بتحديد مقاييس الأداء للعمليات أولا ثم توظيف تكنولوجيا المعلومات للوصول لها وليس العكس. وأهم ما يميز إعادة الهندسة أنها لا تبدأ بافتراضات أو معطيات مسبقة لما يتم بالمؤسسة ولكن المهم ما تصل إليه نتائج التحليل وما يتفق مع أهداف التطوير. لذلك فيجب أن لا نستمع إلى ما يقال دائما "نحن نقوم بها كذلك" "لا يوجد أحسن من هذه الطريقة" "نحن نعرف أكثر!". وبذلك فالمهم هنا هو ما يجب أن يتم وليس ما يطلبه المستخدم أو يقوم به! فإذا كان لابد للمؤسسة أن يكون لديها تقرير كفاءة لكل موظف، فإن إعادة الهندسة لعملية إدارة الموارد البشرية لن تعتمد على الطريقة التي يتم بها حاليا بناء وإصدار هذا التقرير بل ستركز على ما يجب أن نفعله لإنشاء هذا التقرير وما يجب أن يضمه. هذا وقد اعتمدت استراتيجية إعادة الهندسة على التغييرات التي استحدثتها تكنولوجيا المعلومات على النحو التالي:
يمكن إجراء إعادة الهندسة دون التقيد بأماكن العمليات نفسها باستخدام إمكانات قواعد البيانات الموزعة. أن استخدام تكنولوجيا المعلومات أصبح لا يتطلب خبراء أو متخصصين. مع ظهور تكنولوجيا الاتصالات أصبح من السهل تحقيق متطلبات الإدارة المركزية باستخدام الإدارة اللامركزية. أصبح مكان العمل للموظف لا يشكل عائقا لإنجاز العمل. أصبح اتخاذ القرارات بالمنظومة لا يتوقف على المدير وحده. تغير دور المدير ونمط الإدارة بالمنظومة من الاعتماد على القدرة التنبؤية للمدير إلى تعظيم الدور المؤسسي للمدير. مع ظهور الإنترنت والتجارة الإلكترونية تغير نمط عرض المنتجات وآليات البيع. أصبحت المعلومات متاحة للجميع للحد الذي يتيح التطوير المستمر. اصبح من الممكن إجراء أعقد المراجعات لحظيا وبصورة مستمرة.
- تعبر عن ما نتوقعه من المنظومة بطريقة دقيقة وواضحة ومحددة بالتركيز على المنظومة نفسها سواء كانت برمجيات أو أجهزة أو إجراءات.
- يجب ألا تتطرق المواصفات إلى الطريقة التي يتم بها بناء البرمجيات أو الأجهزة أو الطرفيات أو المنظومة نفسها (حيث يذكر ذلك في وثائق المشروع).
- يجب أن تستخرج المواصفات دائما من نتائج الدراسات التحليلية التي نقوم بها خلال أنشطة التطوير.
- تشير إلى نمطيات ومواصفات الأعمال بالمؤسسة والتي تؤثر على بناء المنظومة.
هذه المتغيرات التي أضافتها تكنولوجيا المعلومات دعت المؤسسات إلى تبني إعادة الهندسة لعملياتها للاستفادة من المنجزات التي تحققها. وظهرت أدوات جديدة لتسهيل هذه المهمة أبرزها أدوات إعادة تخطيط موارد المؤسسة (Enterprise Resource Planning )، (ERP ) وظهر فريق عمل لإعادة الهندسة يقوده ما يطلق عليه قيصر إعادة الهندسة (Hammer, 1993, P103) وهو اسم محلل النظم في فريق إعادة الهندسة. إلا أننا يجب أن نشير هنا أن ظهور إعادة الهندسة ارتبط دائما بالتركيز على دوافع التطوير، وبالتالي فإن الاتجاه إلى استخدام أدوات أو تطبيقات الحاسبات لإعادة الهندسة دون وضوح الرؤية للجانب المرتبط بمقاييس الأداء للأعمال مع أهداف التطوير يفقد هذه الفلسفة أهم عناصرها.
التوريد في الوقت المناسب
ظهرت استراتيجيات التوريد في الوقت المناسب (Just In Time) في اليابان كأحد استراتيجيات تطوير الأداء بالمؤسسات الإنتاجية ورفع الكفاءة الحيوية والمالية للمؤسسة. هذه الاستراتيجية تعتمد على استخدام الموارد من خارج المؤسسة وتتطلب التعامل مع الموردين من خارج المؤسسة بما يحقق توريد الاحتياجات من الخامات عند الحاجة فقط، وليس قبل ذلك. هذه الاستراتيجية تتطلب مراقبة مخازن المؤسسة بواسطة الموردين (من خارج المؤسسة) مع الإلمام بنظم العمل ومخططات الإنتاج ثم القيام بالتوريد طبقا للاحتياجات الفعلية لها. وبالتأكيد لن يكون من السهل تحقيق هذه المنظومة من التفاعل دون توظيف الحاسبات مع توفر النماذج الاستقرائية المناسبة لتحليل المعلومات والإلمام الكامل بنظم المعالجة في كلا الجانبين (المورد والمنتج). وعندما تتكامل هذه المنظومة مع منظومة التجارة الإلكترونية يتم التوريد والدفع بطريقة آلية من المخزن إلى المصنع ثم خصم الحساب من البنك دون تدخل يدوي من أي من الأطراف. هذا التفاعل يتطلب تكامل البيانات التشغيلية في الجهات الثلاثة (البنك-المورد-المنتج) مع إمكانية استرجاع البيانات من أي طرف طبقا لاحتياجات عمليات المعالجة. ومن ثم يتطلب توظيف مفاهيم التجارة الإلكترونية هنا مع استراتيجية (JIT) إعادة هندسة العمليات في المؤسسة بما يحقق فاعلية تنفيذ هذه الاستراتيجيات. كل ذلك يتطلب خبرات جديدة من محللي النظم لقيادة فريق التطوير، إلى جانب تطوير مفاهيم ومنهجيات مناسبة للتعامل مع هذا الحجم من المشروعات.
الصيانة الفعالة
في عام 1992 ومن خلال كتابه المعنون "الصيانة الفعالة للأنظمة الميكانيكية" د. إرنست فيتش (Dr. Earnest. Fitch) قدم هذا المفهوم الجديد للصيانة كمفهوم عكس الصيانة الانفعالية. ونعيد هنا كتابة الوصف الذي قدمه عن هذا المفهوم كما يلي "الصيانة الفعالة هو مصطلح جديد لم يرد بعد في القاموس أو في الاستخدام الشائع، لكنه يتعلق بالمشكلات التي واجهها الإنسان منذ اختراع العجلة - الحدث الذي يسبق التاريخ المسجل لدينا". ومن خلال جهوده البحثية المكثفة حول انهيار المعدات الميكانيكية، تمكن من تصنيف خمس مراحل من الانهيار الميكانيكي للمعدة منها الانهيار المفاجئ، والانهيار المتسارع، والانهيار الوشيك، والابتدائي، والمشروط، وتعتبر حالات الانهيار للمعدات نتيجة لعدم الاتزان بين منظومات المعدة (منظومة الزيوت، منظومة البناء الهيكلي، منظومة الحرارة، المنظومة الميكانيكية) إلى جانب الأداء البشري (هؤلاء الذين يقومون بتشغيل المعدات). مع هذا التصنيف، تم ربط استراتيجيات الصيانة مثل الصيانة الطارئة والصيانة الوقائية والصيانة التنبؤية بأنماط الانهيارات وقد خلص إلى أن أياً من هذه الاستراتيجيات لن تمنع حدوث انهيار المعدة. تهدف الصيانة الفعالة عموما إلى منع تعطل الماكينة عن طريق منع ظهور السبب الجذري للانهيار من خلال المراقبة المستمرة والتصحيح المستمر له. وبصورة عامة فإن أي معامل في منظومة المعدة يمكن أن تؤدي إلى تدهور في أجزاء المعدة أو في أدائها يتم تصنيفه على أنه "سبب جذري للانهيار". وبذلك فتهدف إستراتيجية الصيانة الفعالة إلى تمديد مرحلة الانهيار المشروط للمعدة، كحالة من نوع التنبيه المسبق عن حالة لم ينتج عنها تدهور في مكونات المعدة أو أدائها بعد. ويضم التنفيذ الكامل للصيانة الفعالة على عدد من العناصر، اثنان منها: تدريب أفراد الصيانة على مبادئ التشغيل وخصائص الماكينة لاكتساب القدرة على معالجة الأسباب الجذرية للانهيار، والآخر هو بناء منظومة تضم قاعدة للمعرفة تضم معلومات حول نظم تشغيل المعدة ومعدلات الأداء لها، اقرأ المقابلة الكاملة لدكتور فيتش يتحدث فيها عن جهوده البحثية (E. Fitch, 1992).
على مر السنين، أصبح من الواضح أن النهج الحالي للصيانة لن يكون مناسبًا لتلبية التطور والتقدم في المعدات الجديدة وأنظمة التصنيع. ولم يقتصر تأثير انتشار تطبيقات الحاسبات على تحسين النظم الإدارية في المؤسسات فقط (مثل منظومة المالية والمحاسبة، وإدارة الموارد البشرية، والمخازن، وإدارة كشوف المرتبات، ومنظومة تخطيط الإنتاج، وغيرها)، بل امتد ليشمل نطاقًا واسعًا من التطبيقات الهندسية. وقد أدت القدرة التي أضافتها وحدات المعالجة الإلكترونية إلى المصانع الإنتاجية إلى ظهور أجيال جديدة من المعدات والآلات التي تعمل بطريقة آلية ولديها قدر كبير من الذكاء الذي أضاف بعدًا جديدًا لعملياتها وصيانتها. كما ترافق ذلك مع ظهور أساليب وتقنيات جديدة تعتمد على أجهزة الحاسبات للكشف عن أعطال الأجهزة وتحليل أدائها وتحديد الأسباب التي أدت إلى تدهور أدائها.
فعندما نتعامل مع المؤسسة الإنتاجية كمنظومة تصبح منظومة الصيانة أحد المنظومات الفرعية التي يتطلب بناءها استخدام نظم التحليل والتصميم المناسبة، إلا أن الطابع الفني والهندسي لها يتطلب خبرة وكفاءة خاصة من محللي النظم. منهجية جديدة للصيانة الفعالة
في عام 2002 وبعد استثمار الكثير من الوقت والجهد في تنفيذ أكثر من ثمانية مشاريع للصيانة التنبؤية ومراقبة المعدات كجزء من الصيانة الفعالة للنظم الميكانيكية في مواقع مختلفة من مصانع الأسمنت والصلب والزجاج والبترول وبالتعاون مع شركة دياجنتكس الامريكية من قبل مؤلف هذا الموقع (د. سمير مصطفى)، أصبح من الواضح أن تنفيذ الصيانة الفعالة يجب أن يتجاوز المعدات والآلات بنظامها الميكانيكي ليشمل البيئة التي تعمل فيها هذه الآلات، أو ببساطة لابد من البدء بمنظومة الإدارة الكلية للمؤسسة ككل ومن هنا بدأ تنفيذ مشروع الصيانة الفعالة بتطبيق مفاهيم الفكر المنظومي أو ما أطلق عليه المؤلف المدخل المنظومي للصيانة الفعالة والذي تم تطبيقه بالكامل خلال مشروع امتد لمدة خمس سنوات بالشركة المصرية للزجاج المسطح.
باستخدام هذه المنهجية يتم مراجعة المنظومة الحالية للصيانة باستخدام مؤشرات أداء تم تصميمها خصيصا لتعكس مدى فعالية العمليات الهندسية والإدارية للصيانة بالمصنع ومن خلال عمليات التحليل المختلفة يتم تطوير الاستراتيجيات المناسبة للصيانة بما يتناسب مع طبيعة أعمال المؤسسة (الصيانة الوقائية، أو الصيانة التنبؤية، أو مراقبة حالة المعدات، أو الصيانة بمراقبة الاعتمادية للمعدات، ثم الصيانة الإنتاجية الشاملة) وفي المراحل التالية يتم توظيف تكنولوجيات الصيانة المختلفة مع تطبيقات الحاسبات لمراقبة أسباب الأعطال ومنع ظهور هذه الأسباب للقضاء على الأعطال. هذه الاستراتيجية تتطلب منهجيات مناسبة لتنفيذها وتتعامل مع جميع العناصر الفنية والإدارية بالمنظومة لتحديد أسباب الأعطال التي قد لا تكون بالضرورة فنية (Samir Mostafa, 2004)، (قد يؤدي عدم وجود نظم تقييم فعالة لموردي قطع الغيار للمؤسسة ظهور أعطال بالمعدات). ولذلك فالصيانة الفعالة كما نتبناها هنا توظف منهجيات هندسة المعلومات بالتركيز على إعادة الهندسة ثم تصميم منظومة إدارة الصيانة بما يتماشى مع تكنولوجيا الصيانة المناسبة للمعدات لتحقق التكامل مع منظومة إدارة المعلومات بالمؤسسة. هذه الاستراتيجية للصيانة إلى جانب ما تحتاجه من تخصصات جديدة تتطلب أيضا تغيير نمط التعليم والتدريب لمهندسي الصيانة حتى يمكنهم الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات. وباستخدام هذه الاستراتيجية يصبح مهندس الصيانة محلل نظم الصناعة والتصنيع. محلل النظم وإدارة التغيير
مع العرض السابق يتضح أنه لا يمكن مع تعدد فلسفات الإدارة مع هذا العدد من مداخل ومنهجيات التغيير التي تتطلب كل منها دراسات متأنية وعميقة تمس الجانب الثقافي والسلوكي للعاملين في المؤسسات وهؤلاء المتعاملين معها أن لا نحتاج لمتخصصين في التغيير. ولا يمكن للمدير بمفرده أو بتأهيله الكلاسيكي أن يقوم بهذه المهمة معتمدا على مرؤسيه ومساعديه بنفس الهيكل التنظيمي القديم. كل مؤسسة تحتاج الآن إلى تنمية مهنة محلل النظم ضمن فريق العاملين بها من خلال تأهيل فريق من العاملين يعرف مشاكل المؤسسة وقد عاش فيها وتعايشها. إن التعاقد مع شركات خارجية للقيام بهذه المهمة قد يساعد ولكنه لن يحقق التغيير كما نريده.
تحليل وتصميم المنظومة:
تحليل النظام هو تحديد مكوناته (أجهزة، وأشخاص، والقواعد والإجراءات) وطرق الارتباط بينها من أجل تحديد أهدافه والمتطلبات والأولويات له. ويقوم بهذه الأنشطة أحد المتخصصين الذي يجب أن يجيد طرق تمثيل النظام كمنظومة متكاملة طبقا للطرق العلمية، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع القيود الاقتصادية السلوكية والتقنية التي تؤثر على سلوكها أو تعوق تحقيق أهدافها.
يأتي هذا الموقع ليوفر تبادل المعرفة والمعلومات لهؤلاء الذين يبحثون عن أنسب طرق ومنهجيات تطوير المنظومة وتغيير حالتها مع نماذج الإدارة المناسبة لها. ولذلك فقد حاولنا أن يضم الموقع معلومات كافية عن النماذج الحديثة للإدارة والتي تتمحور حول مفهوم الإدارة بالمعلومات والتي يقدمها الموقع هنا كفلسفة، واستراتيجية، ومنهجية للتطوير يمكنكم الإنضمامإلى صفحة مجموعة محللي النظم في مصر على صفحة ملتقي التغيير