مواصفات العمليات
لا يمكن لنا أن نقوم بإنتاج أي منتج مهما كان نوعه دون توصيف هذا المنتج أولا، أو وضع مواصفة له، وكلما تم هذا التوصف بطريقة نمطية (قياسية) كلما اقتربنا مما نريد أن نحققه بطريقة أدق. وكلمة مواصفة كما جاءت في المختار الصحاح (عبد القادر الرازي 1990) هي "توصيف ووصف للشيء، والبيع بالمواصفة هي أن يبيع الشخص سلعة ليست عنده ثم يبتاعها بعد أن يدفعها للمشتري أي أنه باع بالمواصفة من غير نظر ولا حيازة ملك". أي أن المواصفة تغني عن رؤية الشيء. وتختلف مستويات التوصيف للمنتجات حسب نوعها ومجال استخدامها وخطورة التعامل معها. فوضع مواصفات لشراء طلمبة لرفع المياه، تختلف عن وضع مواصفات جهاز للأشعة المقطعية للمخ، والاثنين يختلفان عن وضع مواصفات لشراء برنامج للحاسب الآلي لمتابعة حركة الطائرات على ممر الطيران والذي يختلف هو أيضا عن وضع مواصفات لبناء منظومة لتوجيه وإدارة حركة الطائرات لتنظيم هبوطها بالمطارات. وعندما نتناول موضوع المواصفات يجب علينا فورا أن نفكر في النمطيات والقياسيات المرتبطة بهذه المواصفات. ويمكننا أن نشير هنا أنه مهما تعددت المجالات والتطبيقات فيمكننا أن نجد دائما طرقا نمطية وقياسيات يمكن الاستعانة بها لوضع مواصفات لهذا المنتج. وهناك هيئات عالمية متخصصة توجه جهودها لوضع إرشادات وقواعد بمستويات مختلفة من التفصيل لكتابة واستنباط هذه المواصفات توفيرا لجهود العاملين وضمانا للتجانس والتوافق بين مواصفات المنتج الواحد على اختلاف مصادره. وإذا كان وضع مواصفات للمنتج يمثل أهمية كبرى فإن توصيف العمليات التي تتم لإخراج هذا المنتج إلى الوجود لا تقل أهميتها عن مواصفات المنتج نفسه. وغالبا مايكون هناك أكثر من عملية لإتمام الإنتاج كل منها يحناج إلى توصيف وهذا ما نراه عند تسجيل الهيئات والشركات للحصول على شهادة الأيزو وغيرها من هيئات الإعتماد المختلفة. وفي مجال تطبيقات الإدارة بالمعلومات تعبر كلمة مواصفات عن معاني مختلفة لشركاء التطوير للمنظومة من مستخدمين ومديرين ومحللي نظم ومهندسي نظم وبرمجيات. وقد تختلف الرؤية لها أيضا من مستخدم إلى آخر أو بين هؤلاء المستخدمين المشاركين في التطوير وهؤلاء المستخدمين المسؤولين عن التعاقد لشراء منتجات المنظومة من برامج وأجهزة وشبكات نقل معلومات. والاختلاف الأساسي هنا أن الوصول إلى توصيف عناصر منظومة المعلومات بمحددات أداء عددية دقيقة (بالمقارنة بحالة التعاقد على شراء طلمبة للمياه مثلا) يقطع شوطا طويلا عبر مراحل التطوير لها. فالمواصفات في مشروعات منظومة المعلومات هنا "تنمو مع المشروع ولا يمكن وضع مواصفات تفصيلية في بداية المشروع" ولذلك فخلال تطوير المتطلبات قد نحتاج إلى التعاقد مع مطورين يساعدون المؤسسة على تحديد متطلباتها وتحويلها إلى مواصفات. ومن هنا أيضا يظهر السؤال الهام "هل نتعاقد لنشتري أولا ثم نرى ما سنحصل عليه من أداء؟ أم نتعاقد لتحديد المواصفات أولا ثم نشتري بالمواصفة ؟"، وفي جميع الأحوال ليس من المقبول أن نبدأ مشروعا لتوظيف تكنولوجيا المعلومات بالتعاقد لشراء الأجهزة قبل توصيف الحل، والسبب أننا نبدأ التطوير دون أن نعرف بالضبط ماذا سيكون عليه التوصيف النهائي للمنظومة (الحل)، ولكن يمكننا دائما أن نبدأ ونحن نعرف ماذا نريد أو نتوقع أن نحصل عليه من التطوير. وبذلك يصبح من المفيد هنا أن نعيد صياغة السؤال السابق ليصبح " هل نتعاقد لتحقيق المتطلبات (التي نتوقع أن نعرفها الآن وخلال مرحلة تحديد المتطلبات) أم نتعاقد للشراء طبقا للمواصفات (التي لا نعرفها الآن ولن نراها حتى الانتهاء من مرحلة التحليل)؟

مواصفات المتطلبات:

جميع مشروعات تطوير النظام الإدارى تحتاج إلى مشروعات موازية للتغيير ودائما مايكون لهذه المشروعات دورة حياة لها بداية ولكن ليس لها نهاية لأن التطوير والتغيير هو عملية مستمرة لاتتوقف. ودائما ماتكون البداية في هذه المراحل هي تحديد المتطلبات والتي غالبا ما يتم التعبير عنها في صورة عامة ومن منظور المستخدمين لنظام العمل، وخلال مراحل التطوير تصبح مهمة محللي النظم مع فريق التطوير تحويل هذه المتطلبات تدريجيا إلى مواصفات تحتوي على تفاصيل كافية تسمح لتصميم منظومة الإدارة بما تضمه من العمليات الإجرائية المختلفة مع بناء البرمجيات والأجهزة بكل تعقيداتها وتفاصيلها حيث تستخدم هذه المواصفات في المراحل النهائية لبناء إختبارات مختلفة للحكم على أداء نظام العمل وتحقيقه للمتطلبات التي تم تحديدها في بداية المشروع. هذا الإنتقال التدريجي من مراحل المتطلبات إلى المواصفات ثم إلى إختبارات الأداء هو مايميز كفاءة فريق التطوير ودقة المنهجية التي استخدموها. ويمكننا التعرف على المصطلحات الرئيسية التالية المرتبطة بأنشطة تحديد المتطلبات والمواصفات ومستوياتها :
  • مواصفات المتطلبات: هي وثيقة تحدد مواصفات ما نسعى الحصول عليه.
  • تحليل المتطلبات: هي عمليات وأنشطة التحليل التي نقوم بها لإنتاج وثيقة مواصفات المتطلبات.
  • تعريف المتطلبات: هي العمليات التي نقوم بها خلال مراحل دورة حياة التطوير وحتى نهاية مرحلة التحليل لإنتاج وثيقة المواصفات بما فيها تحديد المتطلبات ودراسات الجدوى والتحليل وبما تضمه من أنشطة ومراحل جزئية.
  • هندسة المتطلبات: تضم تحليل وتعريف وتوثيق المتطلبات لإنتاج مواصفات المتطلبات وإدارتها ، وتغطي علوم التطوير والإدارة لمنهجيات التحليل والتصميم للمنظومة. ويمكننا التعرف على مستويين لهندسة المتطلبات هما هندسة متطلبات المنظومة وهندسة متطلبات منظومة البرمجيات.
والفرق بين هندسة متطلبات المنظومة وهندسة متطلبات البرمجيات أنه بينما تعبر متطلبات المنظومة عن احتياجات التشغيل للمنظومة بجميع عناصرها من أجهزة وبرمجيات وإجراءات وبيانات ونظم تشغيل مع العنصر البشري، يكون المصدر الأساسي لهذه المتطلبات دائما هو المستخدم. أما منظومة البرمجيات فهي تضم المنظومة الفرعية للبرمجيات وتهتم بالأجهزة والمستخدم من منظور برمجيات التفاعل، ويكون مصدر المتطلبات لها هو مواصفات متطلبات المنظومة. وهنا أيضا يتحول محلل المنظومة إلى مهندس منظومة البرمجيات يستخدم وثائق مواصفات المتطلبات للمنظومة لبناء متطلبات/مواصفات البرمجيات. وعندما نشرع في التعاقد على شراء أو تطوير منظومة المعلومات (أو أحد مكوناتها) فيجب أن نقوم ببناء مواصفات المتطلبات لها لتعبر بطريقة نمطية عن ما نتوقع من المنظومة أن تقوم به بصورة دقيقة. ولذلك يجب أن يتم إصدار هذه المواصفات لتعبر عن أداء ووظائف و سلوك المنظومة الكاملة أو منظومة البرمجيات أو منظومة الأجهزة والطرفيات بالتقيد بالمبادئ التالية:


image

تتدرج المواصفات عبر مراحل التحليل لتناقل من مرحلة المتطلبات إلى مواصفات المتطلبات ثم مواصفات نموذج التحليل إلى لمواصفات التصميم المنطقي إلى مواصفات التصميم البنائي إلى المواصفات النية

كيف نكتب مواصفات للمنظومة:

يجب على المواصفات أن تحققعددا من المتطلبات على سبيل المثال:
  1. تعبر عن ما نتوقعه من المنظومة بطريقة دقيقة وواضحة ومحددة بالتركيز على المنظومة نفسها سواء كانت برمجيات أو أجهزة أو إجراءات.
  2. يجب ألا تتطرق المواصفات إلى الطريقة التي يتم بها بناء البرمجيات أو الأجهزة أو الطرفيات أو المنظومة نفسها (حيث يذكر ذلك في وثائق المشروع).
  3. يجب أن تستخرج المواصفات دائما من نتائج الدراسات التحليلية التي نقوم بها خلال أنشطة التطوير.
  4. تشير إلى نمطيات ومواصفات الأعمال بالمؤسسة والتي تؤثر على بناء المنظومة.
هذا وتضم وثائق المواصفات مستويات مختلفة من التوصيف تعبر عن الوثائق الهامة في سلسلة مخرجات العمليات المرتبطة بتطوير وبناء المنظومة. ويتم إنتاج وثائق المواصفات في العديد من المراحل حسب مستوى التفصيل لها على النحو التالي :
  1. مرحلة تحديد المتطلبات: حيث تعبر عن متطلبات المستخدمين
  2. مرحلة دراسة خيارات العمل والجدوى: حيث تعبر عن متطلبات المنظومة
  3. مرحلة تحليل مناطق العمل: تعبر عن المواصفات الوظيفية للمنظومة
  4. مرحلة التحليل: تعبر عن مواصفات المتطلبات ومتطلبات البناء المنطقي للحل
  5. مرحلة البناء المنطقي للحل: تعبر عن مواصفات الحل المنطقي ومتطلبات التصميم
  6. مرحلة التصميم: تعبر عن مواصفات البرامج والأجهزة وشبكات نقل المعلومات
  7. مرحلة البناء: تغطي مواصفات التوريد والتنفيذ لجميع العناصر والمنظومات الفرعية
هذا ويمكن لهذه المراحل أن تتداخل معا أو تنفصل إلى مراحل فرعية أو تختلف تسميتها تبعا للمنهجية التي ينتهجها فريق التطوير. ومهما تعددت أسماؤها أو المراحل التي تستخدم خلالها فإننا نحتاج دائما إلى إصدار مواصفات المتطلبات في أكثر من مرحلة بصورة تتدرج في تفصيلاتها تبعا لتقدم المشروع وبطريقة تعبر عن الخصائص الوظيفية والغير وظيفية لها مع تفهم الطبيعة التكرارية لنمو هذه المواصفات.

:تحليل وتصميم المنظومة:

تحليل النظام هو تحديد مكوناته (أجهزة، وأشخاص، والقواعد والإجراءات) وطرق الارتباط بينها من أجل تحديد أهدافه والمتطلبات والأولويات له. ويقوم بهذه الأنشطة أحد المتخصصين الذي يجب أن يجيد طرق تمثيل النظام كمنظومة متكاملة طبقا للطرق العلمية، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع القيود الاقتصادية السلوكية والتقنية التي تؤثر على سلوكها أو تعوق تحقيق أهدافها.

يأتي هذا الموقع ليوفر تبادل المعرفة والمعلومات لهؤلاء الذين يبحثون عن أنسب طرق ومنهجيات تطوير المنظومة وتغيير حالتها مع نماذج الإدارة المناسبة لها. ولذلك فقد حاولنا أن يضم الموقع معلومات كافية عن النماذج الحديثة للإدارة والتي تتمحور حول مفهوم الإدارة بالمعلومات والتي يقدمها الموقع هنا كفلسفة، واستراتيجية، ومنهجية للتطوير يمكنكم الإنضمامإلى صفحة مجموعة محللي النظم في مصر على صفحة ملتقي التغيير